(واحداً من هؤلاء)
أنا واحداً منهم
وسيحصل أن يداعبني الإهتراء
سأنهض مثل قتيل الحكمة
وأهذي مثل نظام الكون
سأرسل إشعاعات لا مثيل لها
سأتفجر دماءً لنقص الدموع
سأرفع الأيام على كتفي
وأرميها في هموم ظفائري
فأقتل الذي صنته
والذي صانني
وأبعثر الهوى مثل أشلاء حبنا
وأضرم في النسيم مثل نار أشواقنا
سألهم الدنيا بجنون كجنوننا
وأترك العالم في صمت مثلنا
سأنقل السنين إلى دنيا المحال
لأرى إن تتخبط مثلنا
لن أمهل العام كي ينتهي
أمهلت الحب وكاد يختفي
أمهلت القدر فأخذها
وما زرعني فرحاً مثلها
سأبقي نفسي في دوامة الدماء
سألقي بنفسي هذا المساء
كي لا تتخبطي ثانيةً
كي لا أرى أي دهاء
{كي أبقى واحداً منهم}
أهو الحب رثاء
أو هو سلماً للسماء
أو هو ضمير مغدور
أهو داء قلوبٍ صماء
أم أنا جعلته هكذا
نهضت بالنجوم
وجدت العزاء
عرفت الفرق بيننا
سمعت العواء
سمعت صهيل قلبي
ينده حبنا
وقد تاه هذا المساء
لن ألومك الآن
فأنا لست إلا {واحداً منهم}
أنا الأوحد الآخر
أنا العازف المشلول
أنا المطرب الأصم
أنا العابث في السهول
أنا مكسر القمم
أنت الداء في نفسي
وأنا داء في الأمم
أنا سارق الشمس قبل أن تنهض
أنا دافن الكنز في ظلمات الدهر
وهل يحس الدهر
وما أنا إلا واحداً آخر.
هل رآك العمر أو رآني
وقد تاه منذ ثوان
تاه بين الأرواح بين القبور
بين الأشعار والأغاني
تاه بين الغيوم
تاه والكل رؤني
فما أنا إلا واحداً آخر
صمدت حتى انتهك الصمود
عرفت ألماً بلا حدود
وما هي الدنيا إلا قوا فلا من جنود
جنوداً قتلوني قبل النهار
وقبل الليل
جنوداً من صغار العابثين
ومن عابثين كبار
وأبقى أنا {واحداً منهم}
أبقى غصةً في قلب الزمن
أبقى ثغرةً في أخاديد الذمم
يبقون ومن يعرف إن أبقى
وليس لي أي وجه آخر
ليس لي أي صفات أخرى
ليس لي أي وطن آخر
ليس لي أي أرض أخرى
ولا أي قوت آخر
ليس لي إلا الذكريات
فما أنا إلا واحداً آخر
.~ .~ .~